فصل: الحديث الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير



.الحديث الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ:

«أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم مسح بِرَأْسِهِ مرّة وَاحِدَة».
اعْلَم: أَن الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي عدد تكْرَار مسح الرَّأْس عَلَى قمسين:
أَحدهمَا: مَا لم يُصَرح فِيهِ بِعَدَمِ التّكْرَار؛ بل أطلق ذكر الْمسْح إطلاقًا مَعَ ذكر الْعدَد فِي غَيره، وَذَلِكَ فِي أَحَادِيث:

.أَحدهَا:

عَن الْمِقْدَام- بِالْمِيم فِي آخِره- بن معدي كرب- رَضي اللهُ عَنهُ- قَالَ: «أُتِي رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم بِوضُوء فَتَوَضَّأ فَغسل كفيه ثَلَاثًا، وَغسل وَجهه ثَلَاثًا، ثمَّ غسل ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ثمَّ تمضمض واستنشق ثَلَاثًا، ثمَّ مسح بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ ظاهرهما وباطنهما».
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَفِي رِوَايَة لَهُ عَن الْمِقْدَام، قَالَ: «رَأَيْت النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ فَلَمَّا بلغ مسح رَأسه وضع كفيه عَلَى مقدم رَأسه، فأمرَّهما حَتَّى بلغ الْقَفَا، ثمَّ ردهما إِلَى الْمَكَان الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ».
وَفِي رِوَايَة لَهُ: «وَمسح بأذنيه ظاهرهما وباطنهما وَأدْخل أَصَابِعه فِي صماخ أُذُنَيْهِ».
وَأخرجه ابْن مَاجَه مُخْتَصرا وَلَفظه «أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ، فَمسح بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ ظاهرهما وباطنهما».
روياه من حَدِيث الْوَلِيد، نَا حرِيز- بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة، وَكسر الرَّاء الْمُهْملَة، وَفِي آخرهَا زَاي مُعْجمَة- بن عُثْمَان بن جبر الرَّحبِي بتحريك الْحَاء بِالْفَتْح عَن عبد الرَّحْمَن بن ميسرَة، عَن الْمِقْدَام.
وَعَلَى هَذَا السَّنَد اعْتِرَاض وَجَوَاب، سنذكرهما فِي مسح الْأُذُنَيْنِ- إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

.الحديث الثَّانِي:

حَدِيث عُثْمَان- رَضي اللهُ عَنهُ- الثَّابِت فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنه وصف وضوء رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فَغسل أعضاءه ثَلَاثًا ثَلَاثًا» وَقَالَ فِي مسح الرَّأْس: «وَمسح بِرَأْسِهِ» من غير ذكر عدد.
وَقد تقدم هَذَا الحَدِيث بِطُولِهِ فِي الْبَاب، لَكِن رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ عَنهُ «أَنه خرج فِي نفر من أَصْحَابه حَتَّى جلس عَلَى المقاعد فَدَعَا بِوضُوء فَغسل يَدَيْهِ ثَلَاثًا وتمضمض إِلَى أَن قَالَ: وَمسح بِرَأْسِهِ مرّة وَاحِدَة وَغسل رجلَيْهِ ثَلَاثًا، ثمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْت النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَوَضَّأ».
وَسَيَأْتِي قَرِيبا من رِوَايَة أبي دَاوُد «أَنه مسح رَأسه ثَلَاثًا».

.الحديث الثَّالِث:

حَدِيث عَلّي- رَضي اللهُ عَنهُ- لَكِن قد جَاءَت عَنهُ رِوَايَات فِي أَحدهَا: «أَنه مسح رَأسه مرّة» وَفِي بَعْضهَا: و«مسح رَأسه» من غير ذكر عدد، وَفِي بَعْضهَا: «أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ ثَلَاثًا ثَلَاثًا».
وكل هَذِه الرِّوَايَات قد قدمناها قَرِيبا.

.الحديث الرَّابِع:

حَدِيث عبد الله بن زيد أَيْضا كَذَلِك.
رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم بِذكر التّكْرَار فِي سَائِر الْأَعْضَاء إِلَّا مسح الرَّأْس، فَلم يذكرَا فِيهَا عددا.
نعم فِي رِوَايَة لمُسلم: «وَمسح بِرَأْسِهِ مرّة وَاحِدَة».
قَالَ ابْن عبد الْبر: وَرَوَاهُ ابْن عُيَيْنَة، فَذكر فِيهِ مسح الرَّأْس مرَّتَيْنِ، وَهُوَ وهم مِنْهُ.
الْقسم الثَّانِي: مَا صرح فِيهِ بِعَدَمِ التّكْرَار، وَهُوَ عَلَى قسمَيْنِ:
أَحدهمَا: مَا ذكر مَعَ التّكْرَار فِي غير الرَّأْس من الْأَعْضَاء وَذَلِكَ فِي أَحَادِيث:
أَحدهَا: حَدِيث عبد الله بن زيد، عَلَى إِحْدَى روايتي مُسلم الْمُتَقَدّمَة.
الثَّانِي: حَدِيث عُثْمَان، عَلَى رِوَايَة الدَّارَقُطْنِيّ الْمُتَقَدّمَة.
الثَّالِث: حَدِيث أنس- رَضي اللهُ عَنهُ- «أَنه تَوَضَّأ فَمَضْمض ثَلَاثًا، واستنشق ثَلَاثًا، وَغسل وَجهه ثَلَاثًا، ثمَّ أخرج يَده الْيُمْنَى فغسلها ثَلَاثًا، ثمَّ غسل الْيُسْرَى ثَلَاثًا، ثمَّ مسح بِرَأْسِهِ مرّة وَاحِدَة، غير أَنه أمرّهما عَلَى أُذُنَيْهِ فَمسح عَلَيْهِمَا، ثمَّ أَدخل كفيه جَمِيعًا فِي المَاء، ثمَّ قَالَ: هَذَا وضوء رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم».
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي أَوسط معاجمه من حَدِيث أبي مُحَمَّد الحِمَّاني- بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْمِيم- وَبعد الْألف نون.
قَالَ أَبُو حَاتِم: هُوَ صَالح الحَدِيث.
الرَّابِع: حَدِيث عبد الله بن أبي أَوْفَى- رَضي اللهُ عَنهُ- قَالَ: «رَأَيْت النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَمسح رَأسه مرّة».
رَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي سنَنه من حَدِيث فائد بن عبد الرَّحْمَن عَنهُ. وفائد مَتْرُوك الحَدِيث.
الْخَامِس: عَن رُزَيْق بن حَكِيم عَن رجل من الْأَنْصَار، عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: «أَنه كَانَ يتَوَضَّأ ثَلَاث مَرَّات ويستنشق ويستنثر وَيمْسَح بِرَأْسِهِ مرّة وَاحِدَة».
رَوَاهُ ابْن السكن، كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي الإِمام وَسَيَأْتِي قَرِيبا فِي إِحْدَى رِوَايَات الرّبيع بنت معوذ «وَيمْسَح رَأسه مرّة» مَعَ ذكر الْغسْل ثَلَاثًا ثَلَاثًا.
الْقسم الثَّانِي: مَا ذكر فِيهِ مسح الرَّأْس مرّة من غير ذكر التّكْرَار فِي غَيره من الْأَعْضَاء، وَمن ذَلِكَ حديثان:
أَحدهمَا: حَدِيث أبي حَيَّة، عَن عَلّي- كرَّم الله وَجهه-: «أنَّ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم مسح رَأسه مرّة».
رَوَاهُ ابْن مَاجَه مُخْتَصرا، وَقد سبق خِلَافه فِي الْقسم الأول.
الثَّانِي: حَدِيث سَلمَة بن الْأَكْوَع قَالَ: «رَأَيْت النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ، فَمسح رَأسه مرّة».
رَوَاهُ ابْن مَاجَه، هَذَا كُله مَعَ أَحَادِيث صَحِيحَة وَارِدَة فِي الْبَاب «أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ مرّة مرّة» فَيدْخل مسح الرَّأْس فِي إِطْلَاقهَا، من ذَلِكَ حَدِيث ابْن عَبَّاس: «أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ مرّة مرّة».
رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: إِنَّه أحسن شَيْء فِي الْبَاب، وَأَصَح.
وَأخرجه ابْن حبَان فِي صَحِيحه بِلَفْظ: «أَنا أعلمكُم بِوضُوء رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فَتَوَضَّأ مرّة مرّة».
وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالتِّرْمِذِيّ من رِوَايَة عمر.
وَرَوَاهُ الْبَزَّار من رِوَايَة جَابر وَأبي رَافع وَسليمَان بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه، وَعبد الله بن عمر.
وَرَوَاهُ الْبَغَوِيّ من حَدِيث ابْن الْفَاكِه.
وَرَوَاهُ الْخَطِيب من حَدِيث عكراش بن ذُؤَيْب، كلهم عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: «أنَّه تَوَضَّأ مرّة مرّة».

.الحديث الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ:

عَن عُثْمَان- رَضي اللهُ عَنهُ- «أنَّه لما وصف وضوء رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم مسح بِرَأْسِهِ مرّة وَاحِدَة».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، تقدم بَيَانه فِي الحَدِيث الَّذِي قبله وَاضحا.

.الحديث الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ:

عَن عَلّي- كرم الله وَجهه- «أنَّه لما وصف وضوء رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم مسح بِرَأْسِهِ مرّة وَاحِدَة».
هَذَا الحَدِيث تقدَّم بَيَانه قَرِيبا فِي الحَدِيث الَّذِي قبل هَذَا.

.الحديث الخَامِس وَالثَّلَاثُونَ:

عَن الرُّبَيِّع بنت معوذ بن عفراء- رَضي اللهُ عَنها- قَالَت: «مسح رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأسه مرَّتَيْنِ».
هَذَا الحَدِيث رُوِيَ عَنْهَا من طرق، باخْتلَاف أَلْفَاظ.
فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن مُسَدّد، نَا بشر بن الْمفضل، نَا عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، عَن الرّبيع بنت معوذ بن عفراء، قَالَت: «كَانَ النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يأتينا فحدثتنا أنَّه قَالَ: اسكبي لي وضُوءًا...» فَذكرت وضوء رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت فِيهِ: «فَغسل كفيه ثَلَاثًا، ووضَّأ وَجهه ثَلَاثًا، ومضمض واستنشق مرّة، ووضَّأ يَدَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَمسح بِرَأْسِهِ مرَّتَيْنِ يبْدَأ بمؤخر رَأسه ثمَّ بمقدمه، وبأذنيه كلتيهما ظهورهما وبطونهما، ووضَّأ رجلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا».
وَفِي رِوَايَة لَهُ: «تمضمض واستنثر ثَلَاثًا».
وَفِي رِوَايَة: «فَمسح الرَّأس كُله من قرن الشَّعر كل نَاحيَة لِمُنْصَبِّ الشّعْر لَا يُحَرك الشّعْر عَن هَيئته».
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَن قُتَيْبَة، ثَنَا بشر بن الْمفضل، عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، عَن الرُّبيع بنت معوذ بن عفراء «أنَّ النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم مسح بِرَأْسِهِ مرَّتَيْنِ بَدَأَ بمؤخر رَأسه ثمَّ بمقدمه، وبأذنيه كلتيهما ظهورهما وبطونهما» قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن.
وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعلي بن مُحَمَّد قَالَا: ثَنَا وَكِيع، عَن سُفْيَان، عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، عَن الرّبيع بنت معوذ بن عفراء قَالَت: «تَوَضَّأ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمسح رَأسه مرَّتَيْنِ».
وَرَوَاهُ الإِمام أَحْمد من هَذَا الْوَجْه مطولا، وَفِيه: «وَمسح رَأسه بِمَا بَقِي من وضوئِهِ فِي يَدَيْهِ مرَّتَيْنِ، بَدَأَ بمؤخره ثمَّ رَدَّ يَده عَلَى ناصيته» هَذِه الرِّوَايَات كلهَا عَن الرّبيع بنت معوذ مُوَافقَة لما أوردهُ المُصَنّف.
وَقد رُوِيَ عَنْهَا «أنَّ النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم مسح رَأسه مرّة وَاحِدَة» فروَى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ عَن قُتَيْبَة بن سعيد، عَن بكر بن مُضر، عَن ابْن عجلَان، عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل عَنْهَا أنَّها أخْبرته قَالَت: «رَأَيْت النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَوَضَّأ قَالَت: فَمسح رَأسه وَمسح مَا أقبل مِنْهُ وَمَا أدبر وصدغيه وَأُذُنَيْهِ مرّة وَاحِدَة».
قَالَ ابْن عَسَاكِر: وجدت فِي نُسْخَة من طَرِيق اللؤْلُؤِي: عَن ابْن عقيل، عَن أَبِيه، عَن ربيع وَهُوَ وهم.
قَالَ التِّرْمِذِيّ: وَهَذَا حَدِيث حسن صَحِيح. وَأخرجه الإِمام أَحْمد أَيْضا.
وَرُوِيَ عَنْهَا مَا إِطْلَاقه يَقْتَضِي مسح الرَّأْس ثَلَاثًا.
فروَى ابْن مَاجَه عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعلي بن مُحَمَّد قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيع، عَن سُفْيَان، عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، عَن الرّبيع بنت معوذ بن عفراء: «أنَّ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ ثَلَاثًا ثَلَاثًا».
والرُبَيِّع: بِضَم الرَّاء وَفتح الْبَاء وَكسر الْيَاء الْمُثَنَّاة تَحت، ومُعَوِّذ: بِضَم الْمِيم وَفتح الْعين وَكسر الْوَاو الْمُشَدّدَة بعْدهَا ذال مُعْجمَة، وَحَكَى صَاحب الْمطَالع فتح الْوَاو وَكسرهَا، وَعَن بَعضهم أنَّه لَا يُجِيز الْكسر، وعفراء: بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَإِسْكَان الْفَاء، وَهِي الرّبيع بنت معوذ بن الْحَارِث الْأَنْصَارِيَّة، من المبايعات تَحت الشَّجَرَة بيعَة الرضْوَان.
فصل:
اعْلَم أنَّ مدَار هَذَا الحَدِيث بِطرقِهِ عَلَى عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل- وَقد أَثْنَى عَلَيْهِ قوم وَتكلم فِيهِ آخَرُونَ- فلنذكر فِي هَذَا الْموضع مقالات الْحفاظ فِيهِ ليحال مَا يَقع بعده عَلَيْهِ، فَنَقُول: هُوَ عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل بن أبي طَالب أَبُو مُحَمَّد الْمدنِي الْهَاشِمِي التَّابِعِيّ، رَوَى عَن جماعات من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ، وَرَوَى عَنهُ الْأَئِمَّة.
قَالَ الْحَاكِم: كَانَ أَحْمد بن حَنْبَل وَإِسْحَاق يحتجان بحَديثه، وَلَيْسَ بالمتين عِنْدهم.
وَقَالَ مُحَمَّد بن سعد: كَانَ كثير الْعلم، وَكَانَ مُنكر الحَدِيث لَا يحْتَج بحَديثه.
وَقَالَ عَلّي بن الْمَدِينِيّ: هُوَ ضَعِيف الحَدِيث.
وَقَالَ يَحْيَى بن معِين: ضَعِيف. وَضَعفه أَيْضا: ابْن عُيَيْنَة وَأَبُو حَاتِم وَأَبُو زرْعَة وَابْن خُزَيْمَة.
وَقَالَ ابْن حبَان: كَانَ رَدِيء الْحِفْظ، يحدث عَلَى التَّوَهُّم فَيَجِيء بالْخبر عَلَى غير سنَنه، فلمَّا كثر ذَلِكَ فِي أخباره وَجب مجانبتها والاحتجاج بغَيْرهَا.
وَقَالَ ابْن طَاهِر فِي التَّذْكِرَة: هُوَ ضَعِيف جدًّا.
وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: هُوَ صَدُوق، وَقد تكلم فِيهِ بعض أهل الْعلم من قبل حفظه. قَالَ: وَسمعت البُخَارِيّ يَقُول: كَانَ أَحْمد بن حَنْبَل وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم والْحميدِي يحتجون بحَديثه. قَالَ البُخَارِيّ: وَهُوَ مقارب الحَدِيث- يَعْنِي: بِكَسْر الرَّاء، وَرُوِيَ بِفَتْحِهَا، وَهُوَ مَحْمُول عِنْدهم عَلَى مقاربة الصِّحَّة.
قَالَ أَبُو بكر بن الْعَرَبِيّ فِي شرح التِّرْمِذِيّ: رُوِيَ مقارب- بِفَتْح الرَّاء وَكسرهَا- وَبِفَتْحِهَا قرأته؛ فَمن فتح أَرَادَ أَن غَيره يُقَارِبه فِي الْحِفْظ، وَمن كسر أَرَادَ أَنه يُقَارب غَيره، فَهُوَ فِي الأوَّل مفعول، وَفِي الثَّانِي فَاعل، وَالْمعْنَى وَاحِد.
قلت: فكلاهما تَوْثِيق لَهُ لَكِن الْفَتْح أشدّ توثيقًا.
وَقَالَ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك: هُوَ مُسْتَقِيم فِي الحَدِيث مقدم فِي الشّرف. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه فِي بَاب لَا يتَطَهَّر بِالْمُسْتَعْملِ: أهل الْعلم مُخْتَلفُونَ فِي جَوَاز الِاحْتِجَاج بِرِوَايَاتِهِ. وَقَالَ فِي بَاب الدَّلِيل عَلَى أنَّه يَأْخُذ لكلّ عُضْو مَاء جَدِيدا: لم يكن بِالْحَافِظِ. وَقَالَ أَبُو عمر بن عبد الْبر: شرِيف عَالم لَا يطعن عَلَيْهِ إِلَّا مُتَحَامِل، وَهُوَ أَقْوَى من كلِّ من ضعفه وَأفضل.
قلت: وَالتِّرْمِذِيّ- كَمَا نرَى- تَارَة يحسن حَدِيثه وَتارَة يُصَحِّحهُ، كَمَا تقدم.
وَقد ذكر لَهُ أَيْضا حَدِيثا فِي أَبْوَاب الْفَرَائِض وحكم عَلَيْهِ بالْحسنِ وَالصِّحَّة. وَذكر لَهُ حَدِيث حمْنَة فِي الِاسْتِحَاضَة وَفعل فِيهِ كَمَا فعل فِي هَذَا.
وَحَكَى عَن البُخَارِيّ أنَّه حسنه، وَعَن أَحْمد أنَّه صَححهُ.
وَقَالَ النَّوَوِيّ- رَحِمَهُ اللَّهُ- فِي شرح الْمُهَذّب: اخْتلف الْعلمَاء فِي الِاحْتِجَاج بِمُحَمد بن عقيل. قَالَ: واحتجَّ بِهِ الْأَكْثَرُونَ، وَحسن التِّرْمِذِيّ أَحَادِيث من رِوَايَته.

.الحديث السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ:

عَن عُثْمَان- ذِي النّورين رَضي اللهُ عَنهُ لقب بذلك لأنَّه تزوج بِنْتي رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم رقية، وأمّ كُلْثُوم، وَلم يتَّفق لأحد من لدن آدم عَلَيْهِ السَّلَام نِكَاح بِنْتي نَبِي إِلَّا لَهُ، وَمِمَّنْ أَفَادَهُ: الرَّافِعِيّ فِي أَمَالِيهِ- «أنَّ النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ فَمسح رَأسه ثَلَاثًا».
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه وَالْبَزَّار فِي مُسْنده كِلَاهُمَا عَن مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا الضَّحَّاك بن مخلد، نَا عبد الرَّحْمَن بن وردان، حَدَّثَني أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، حَدَّثَني حمْرَان قَالَ: «رَأَيْت عُثْمَان بن عَفَّان تَوَضَّأ...» فَذكر نَحوه- يَعْنِي حَدِيثا قبله- لم يذكر الْمَضْمَضَة والاستنثار قَالَ فِيهِ: «وَمسح رَأسه ثَلَاثًا ثمَّ غسل رجلَيْهِ ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ: رَأَيْت النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ هَكَذَا وَقَالَ: من تَوَضَّأ دون هَذَا كَفاهُ» هَذَا لفظ أبي دَاوُد.
وَلَفظ الْبَزَّار: «رَأَيْت عُثْمَان تَوَضَّأ فَغسل يَدَيْهِ ثَلَاثًا، وَغسل وَجهه ثَلَاثًا، وَغسل ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا، وَمسح رَأسه ثَلَاثًا، وَغسل رجلَيْهِ...» وَالْبَاقِي مثله.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه كَذَلِك وَرُوَاته عَن آخِرهم ثِقَات.
أمَّا مُحَمَّد بن الْمثنى؛ فَهُوَ الْحَافِظ الثِّقَة الْوَرع، وَكَذَلِكَ الضَّحَّاك بن مخلد، بَصرِي حَافظ احتجّ بِهِ البُخَارِيّ وَمُسلم وَبَاقِي الْكتب السِّتَّة، وأمَّا عبد الرَّحْمَن بن وردان؛ فَهُوَ أَبُو بكر الْمعَافِرِي الْمُؤَذّن، صَدُوق، قَالَ أَبُو حَاتِم: مَا بِهِ بَأْس. وَقَالَ يَحْيَى بن معِين: صَالح. وأمَّا أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن؛ فَهُوَ أحد الْأَعْلَام أخرج لَهُ السِّتَّة، وكَذَا حمْرَان، فإسناد هَذَا الحَدِيث عَلَى شَرط الصَّحِيحَيْنِ، وَبَاقِي الْكتب السِّتَّة إِلَّا ابْن وردان، فَلم يخرج لَهُ إِلَّا أَبُو دَاوُد وَحده.
وَقد وَثَّقَهُ يَحْيَى بن معِين والإِمام أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ كَمَا تقدم، وهما إِمَامًا هَذَا الْفَنّ وَسكت عَنهُ أَبُو دَاوُد؛ فَهُوَ حسن عِنْده أَو صَحِيح، وَأقرهُ عَلَى ذَلِكَ الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد الْمُنْذِرِيّ فِي اختصاره للسنن وَلم يعقبه بِشَيْء.
وَقَالَ النَّوَوِيّ- رَحِمَهُ اللَّهُ- فِي كَلَامه عَلَى أبي دَاوُد: إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث حسن، كل رِجَاله فِي الصَّحِيحَيْنِ إِلَّا ابْن وردان، وَقد وَثَّقَهُ يَحْيَى بن معِين وَأَبُو حَاتِم قَالَ: فَالْحَدِيث حسن بِهَذِهِ الزِّيَادَة.
وَقَالَ شَيخنَا أَبُو الْفَتْح الْيَعْمرِي- رَحِمَهُ اللَّهُ-: هَذَا الحَدِيث فِي إِسْنَاده: عبد الرَّحْمَن بن وردان وَقد قَالَ يَحْيَى: صَالح. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: مَا بِهِ بَأْس. وَغَيره من رجال هَذَا الإِسناد مَشْهُور، فلولا مُخَالفَة عبد الرَّحْمَن الثِّقَات فِي انْفِرَاده بالتثليث لَكَانَ صَحِيحا أَو حسنا.
قلت: لم ينْفَرد بهَا عبد الرَّحْمَن. فقد رَوَاهَا جماعات كروايته:
فروَى أَبُو دَاوُد فِي سنَنه عَن هَارُون بن عبد الله، ثَنَا يَحْيَى بن آدم، نَا إِسْرَائِيل، عَن عَامر بن شَقِيق بن جَمْرَة- بِالْجِيم، وَالرَّاء الْمُهْملَة- عَن شَقِيق بن سَلمَة قَالَ: «رَأَيْت عُثْمَان بن عَفَّان- رَضي اللهُ عَنهُ- غسل ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَمسح بِرَأْسِهِ ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فعل هَذَا».
وَرَوَاهُ أَيْضا كَذَلِك الدَّارَقُطْنِيّ إِسْنَادًا ومتنًا، وَهَذَا إِسْنَاد كلّ رِجَاله فِي الصَّحِيحَيْنِ إِلَّا هَارُون، فَفِي مُسلم، وَإِلَّا عَامر بن شَقِيق؛ فَهُوَ صَدُوق، وَوَثَّقَهُ أَبُو حَاتِم بن حبَان، وَإِن كَانَ أَبُو حَاتِم قَالَ: لَيْسَ بقويّ. وَابْن معِين قَالَ: ضَعِيف. فَلم يبيِّن سَبَب ضعفه، وَلَا يقبل إِلَّا مُفَسرًا، لَا جرم قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي خلافياته بعد ذكر هَذِه الطَّرِيق: قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: لَا أعلم فِي عَامر طَعنا بِوَجْه من الْوُجُوه ثمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَإِسْنَاده قد احتجا- يَعْنِي: البُخَارِيّ وَمُسلم- بِجَمِيعِ رُوَاته غير عَامر بن شَقِيق.
وَعَلَى الْبَيْهَقِيّ اعْتِرَاض فِي قَوْله أنَّهما احتجا بِجَمِيعِ رُوَاته. فهارون بن عبد الله لم يخرج لَهُ البُخَارِيّ رَأْسا، لكنَّه حَافظ، وَهُوَ الْمَعْرُوف بالحَمَّال- بِالْحَاء الْمُهْملَة.
وَأخرج هَذَا الحَدِيث إِمَام الْأَئِمَّة أَبُو بكر بن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه من طَرِيق أبي دَاوُد بِزِيَادَة فِيهِ، وَهَذَا سِيَاق مَتنه: عَن إِسْرَائِيل، عَن عَامر بن شَقِيق عَن شَقِيق بن سَلمَة، عَن عُثْمَان «أنَّه تَوَضَّأ فَغسل وَجهه ثَلَاثًا، واستنشق ثَلَاثًا، ومضمض ثَلَاثًا، وَمسح بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ ظاهرهما وباطنهما وَرجلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وخلل لحيته وأصابع الرجلَيْن، وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَوَضَّأ» ثمَّ قَالَ: عَامر هَذَا هُوَ عَامر بن شَقِيق بن جَمْرَة الْأَسدي، لَيْسَ شَقِيق بن سَلمَة. انْتَهَى.
وَهَذَانِ الطريقان هما أَجود طرق هَذَا الحَدِيث، وَله طرق أُخْرَى:
أَحدهَا: عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي مَرْيَم، قَالَ: دخلت عَلَى ابْن دارة فَقَالَ: «رَأَيْت عُثْمَان دَعَا بِوضُوء فَمَضْمض ثَلَاثًا، واستنشق ثَلَاثًا، وَغسل وَجهه ثَلَاثًا، وذراعيه ثَلَاثًا، وَمسح بِرَأْسِهِ ثَلَاثًا، وَغسل قَدَمَيْهِ ثمَّ قَالَ: من أحب أَن ينظر إِلَى وضوء رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهَذَا وضوء رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم».
رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده عَن صَفْوَان بن عِيسَى، عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي مَرْيَم بِهِ.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ عَن الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل عَن مُحَمَّد بن عبد الله المخرمي، عَن صَفْوَان بِهِ.
وَأخرج هَذِه الطَّرِيقَة، ابْن السكن فِي كِتَابه الْمُسَمَّى ب السّنَن الصِّحَاح المأثورة.
الطَّرِيق الثَّانِي: عَن إِسْحَاق بن يَحْيَى، عَن مُعَاوِيَة بن عبد الله بن جَعْفَر بن أبي طَالب، عَن أَبِيه عبد الله بن جَعْفَر بن أبي طَالب، عَن عُثْمَان بن عَفَّان «أنَّه تَوَضَّأ فَغسل يَدَيْهِ ثَلَاثًا كلّ وَاحِدَة مِنْهُمَا، واستنثر ثَلَاثًا، ومضمض ثَلَاثًا، وَغسل وَجهه ثَلَاثًا، وَغسل ذِرَاعَيْهِ كلّ وَاحِدَة مِنْهُمَا ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَمسح بِرَأْسِهِ ثَلَاثًا، وَغسل رجلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا كلّ وَاحِدَة مِنْهُمَا، ثمَّ قَالَ: رَأَيْت النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يتوضَّأ هَكَذَا» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه عَن الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن يُوسُف السّلمِيّ، نَا أَيُّوب بن سُلَيْمَان بن بِلَال، حَدَّثَني أَبُو بكر، عَن سُلَيْمَان بن بِلَال، عَن إِسْحَاق بن يَحْيَى بِهِ. ثمَّ قَالَ: هَذَا إِسْنَاد لم يخْتَلف فِيهِ، إِلَّا أنَّ إِسْحَاق بن يَحْيَى لَيْسَ بِالْقَوِيّ.
قلت: إِسْحَاق هَذَا أخرج لَهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه، وَذكره ابْن حبَان فِي ثقاته وَقَالَ: يحْتَج بِهِ فِيمَا وَافق الثِّقَات.
الطَّرِيق الثَّالِث: عَن صَالح بن عبد الْجَبَّار، نَا ابْن الْبَيْلَمَانِي- بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة، ثمَّ يَاء مثناة تَحت سَاكِنة، ثمَّ لَام ثمَّ مِيم، ثمَّ ألف، ثمَّ نون، ثمَّ يَاء مثناة تَحت- عَن أَبِيه، عَن عُثْمَان بن عَفَّان «أنَّه تَوَضَّأ بالمقاعد- والمقاعد بِالْمَدِينَةِ حَيْثُ يصلى عَلَى الْجَنَائِز عِنْد الْمَسْجِد- فَغسل كفيه ثَلَاثًا ثَلَاثًا، واستنثر ثَلَاثًا، وتمضمض ثَلَاثًا، وَغسل وَجهه ثَلَاثًا، وَيَديه إِلَى الْمرْفقين ثَلَاثًا، وَمسح بِرَأْسِهِ ثَلَاثًا، وَغسل قَدَمَيْهِ ثَلَاثًا، وسلَّم عَلَيْهِ رجل وَهُوَ يتَوَضَّأ فَلم يرد عَلَيْهِ حَتَّى فرغ، فَلَمَّا فرغ كَلَّمه يعْتَذر إِلَيْهِ، وَقَالَ: لم يَمْنعنِي أَن أرد عَلَيْك إِلَّا أنّي سَمِعت رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من تَوَضَّأ هَكَذَا وَلم يتَكَلَّم ثمَّ قَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وأنَّ مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، غفر لَهُ مَا بَين الوضوئين».
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه عَن الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل، نَا شُعَيْب بن مُحَمَّد الْحَضْرَمِيّ نَا الرّبيع بن سُلَيْمَان الْحَضْرَمِيّ، ثَنَا صَالح بِهِ. وَابْن الْبَيْلَمَانِي هُوَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، أخرج لَهُ أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه، وَهُوَ ضَعِيف.
قَالَ التِّرْمِذِيّ: قَالَ البُخَارِيّ: مُنكر الحَدِيث. وَقَالَ البُخَارِيّ فِي كِتَابه الْأَوْسَط: كل من قلت فِيهِ مُنكر الحَدِيث، لَا يحل الرِّوَايَة عَنهُ. وَأَبوهُ عبد الرَّحْمَن أخرج لَهُ أَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة، قَالَ أَبُو حَاتِم: لين. وَذكره ابْن حبَان فِي ثقاته وَقَالَ ابْن الْقطَّان: صَالح مَجْهُول الْحَال، لَا أعرفهُ إلاَّ فِي هَذَا الحَدِيث وَحَدِيث «أنكحوا الْأَيَامَى».
الطَّرِيق الرَّابِع: عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن حمْرَان، عَن عُثْمَان «أنَّه أُتِي بِمَاء فَمَضْمض واستنشق، وَغسل وَجهه ثَلَاثًا وَيَديه ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَمسح بِرَأْسِهِ ثَلَاثًا حَتَّى أَتَى عَلَى الْوضُوء وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَوَضَّأ».
رَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده هَكَذَا عَن عبيد بن إِسْمَاعِيل الْهَبَّاري، نَا أَبُو أُسَامَة، عَن هِشَام بِهِ.
الطَّرِيق الْخَامِس: عَن اللَّيْث بن سعد، عَن خَالِد، عَن سعيد بن أبي هِلَال، عَن عَطاء بن أبي رَبَاح «أَن عُثْمَان رَضي اللهُ عَنهُ أُتِي بِوضُوء...» فَذكر الحَدِيث، قَالَ: «ثمَّ مسح بِرَأْسِهِ ثَلَاثًا حَتَّى قَفاهُ، وَأُذُنَيْهِ ظاهرهما وباطنهما» وَفِي آخِره النِّسْبَة إِلَى وضوء رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي الإِمام: أَشَارَ إِلَيْهِ الْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن وخرجه فِي الخلافيات وَهُوَ مُنْقَطع فِيمَا بَين عَطاء بن أبي رَبَاح وَعُثْمَان رَضي اللهُ عَنهُ.
وكشفت أَنا الخلافيات للبيهقي فَلم أرَ لهَذِهِ الطَّرِيقَة فِيهِ ذكرا، فَلَعَلَّهُ فِي غير المظنة، نعم هُوَ فِي السّنَن.
الطَّرِيق السَّادِس: عَن عُثْمَان «أنَّه تَوَضَّأ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ».
رَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده عَن مُحَمَّد بن الْمثنى وَعَمْرو بن عَلّي، قَالَا: ثَنَا عُثْمَان بن عمر، ثَنَا فليح بن سُلَيْمَان، عَن سعيد بن الْحَارِث، عَن خَارِجَة بن زيد بن ثَابت، عَن أَبِيه، عَن عُثْمَان بِهِ ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن الإِسناد، وَلَا نعلم رَوَى زيد بن ثَابت، عَن عُثْمَان حَدِيثا مُسْندًا إِلَّا هَذَا الحَدِيث وَلَا لَهُ إِسْنَاد، عَن زيد بن ثَابت إِلَّا هَذَا الإِسناد.
قلت: وَقد تقدم فِي الحَدِيث الثَّلَاثِينَ أنَّ مُسلما وَالْبَيْهَقِيّ روياه أَيْضا.
الطَّرِيق السَّابِع: عَن عبد الْكَرِيم، عَن حمْرَان، قَالَ: «تَوَضَّأ عُثْمَان فَغسل وَجهه ثَلَاثًا، وَيَديه ثَلَاثًا، وَمسح بِرَأْسِهِ، وَغسل رجلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ثمَّ قَالَ: تَوَضَّأت كَمَا توضَّأ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم».
رَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده أَيْضا، عَن مُحَمَّد بن مَرْزُوق نَا عبد الله بن رَجَاء، ثَنَا عبد الْعَزِيز الْمَاجشون، عَن عبد الْكَرِيم بِهِ.
الطَّرِيق الثَّامِن: عَن عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر عَن أبي عَلْقَمَة مولَى ابْن عَبَّاس، عَن عُثْمَان «أنَّه دَعَا بِوضُوء وَعِنْده نَاس من أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فأفرغ بِيَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وغسلهما ثَلَاثًا، ومضمض ثَلَاثًا، واستنشق ثَلَاثًا، وَغسل وَجهه ثَلَاثًا، وَيَديه إِلَى الْمرْفقين ثَلَاثًا، ثمَّ مسح بِرَأْسِهِ وَغسل رجلَيْهِ فأنقاهما، ثمَّ قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ مثل هَذَا الْوضُوء».
رَوَاهُ الْبَزَّار أَيْضا، عَن مُحَمَّد بن مَرْزُوق، ثَنَا مُحَمَّد بن بكر البرْسَانِي، ثَنَا عبيد الله بن أبي زِيَاد القداح، أَخْبرنِي عبد الله بِهِ.
فتلخص من هَذَا كُله أنَّ حَدِيث عُثْمَان رَضي اللهُ عَنهُ الَّذِي أوردهُ الإِمام الرَّافِعِيّ لَهُ طرق عشر وَفِي بَعْضهَا ضعف يسير، فَلَا تقدح فِيمَا حسناه مِنْهَا؛ بل تِلْكَ جابرة لَهَا، كَيفَ وأئمة هَذَا الْفَنّ يَقُولُونَ أَن الحَدِيث الضَّعِيف إِذا رُوِيَ من طرق يُقَوي بَعْضهَا بَعْضًا.
قَالَ النَّوَوِيّ- رَحِمَهُ اللَّهُ- فِي شرح الْمُهَذّب: حَدِيث عُثْمَان هَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَاد حسن. قَالَ: وَذكر أَيْضا الشَّيْخ أَبُو عَمْرو بن الصّلاح أَنه حَدِيث حسن، وَرُبمَا ارْتَفع من الْحسن إِلَى الصِّحَّة بشواهده وَكَثْرَة طرقه. قَالَ: فَإِن الْبَيْهَقِيّ وَغَيره رَوَوْهُ من طرق كَثِيرَة غير طَرِيق أبي دَاوُد. انْتَهَى مَا نَقله النَّوَوِيّ- رَحِمَهُ اللَّهُ.
فَإِن قلت: يقْدَح فِيمَا قَرّرته أَيهَا المُصَنّف من حسن هَذَا الحَدِيث قَول أبي دَاوُد فِي سنَنه: أَحَادِيث عُثْمَان الصِّحَاح كلهَا تدل عَلَى مسح الرَّأْس أنَّه مرّة؛ فَإِنَّهُم ذكرُوا الْوضُوء ثَلَاثًا قَالُوا فِيهَا «وَمسح رَأسه» لم يذكرُوا عددا كَمَا ذكرُوا فِي غَيره.
وَقَول الْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن الْكَبِير: وَرُوِيَ من أوجه غَرِيبَة، عَن عُثْمَان وفيهَا مسح الرَّأْس ثَلَاثًا إِلَّا أَنَّهَا مَعَ خلاف الْحفاظ الثِّقَات لَيست بِحجَّة عِنْد أهل الْمعرفَة، وَإِن كَانَ بعض أَصْحَابنَا يحْتَج بهَا.
قلت: لَا تنَافِي بَين قَوْلنَا وَقَول أبي دَاوُد؛ لأَنا قَررنَا حسن الحَدِيث، وَأَبُو دَاوُد قَالَ: أَحَادِيث عُثْمَان الصِّحَاح، فَأَبُو دَاوُد- رَحِمَهُ اللَّهُ- لم ينفِ حسنه؛ وإنَّما نَفَى صِحَّته. بل لَو ادعيت صِحَّته من طريقيه الْأَوَّلين لم أبعد؛ بل هُوَ- إِن شَاءَ الله- كَمَا قَرّرته، عَلَى أَن أَحَادِيث الصِّحَاح لَيْسَ فِيهَا نفي الْعدَد، وَحَدِيثه هَذَا من جَمِيع طرقه فِيهَا إثْبَاته؛ فَقدم عَلَى الأوَّل، قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي خلافياته: مَا رُوِيَ فِي حَدِيث عُثْمَان وَغَيره من الْمسْح مرّة وَاحِدَة فَلَيْسَ فِيهِ نفي عدد، وَفِيمَا رَوَيْنَاهُ إثْبَاته سنة، وَالْأولَى بِنَا الْجمع بَين الْخَبَرَيْنِ.
وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو الْفرج بن الْجَوْزِيّ فِي كِتَابه التَّحْقِيق: وأمّا من رَوَى عَن عُثْمَان أنَّه لم يذكر فِي الْمسْح عددا فَلَا حجَّة فِي ذَلِكَ، من ذكر الْعدَد مقدم القَوْل. وأمَّا قولة الْبَيْهَقِيّ فيعارضها بِأَنَّهُ ذكر من تِلْكَ الْأَحَادِيث فِي خلافياته حديثين محتجًا بهما، وهما: حَدِيث عَامر عَن شَقِيق بن سَلمَة، وَقَالَ: إِسْنَاده قد احتجا بِجَمِيعِ رُوَاته غير عَامر بن شَقِيق. ثمَّ ذكر قولة الْحَاكِم الْمُتَقَدّمَة فِي عَامر.
والْحَدِيث الثَّانِي: حَدِيث أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن حمْرَان الْمُتَقَدّم فَلَعَلَّهُ يكون قَالَ ذَلِكَ قبل تصنيفه الخلافيات جمعا بَين كلاميه.
عَلَى أَن ذكر مسح الرَّأْس ثَلَاثًا قد ورد فِي غير مَا حَدِيث غير حَدِيث عُثْمَان مِنْهَا: حَدِيث عَلّي رَضي اللهُ عَنهُ وَقد تقدم ذكر اخْتِلَاف طرقه فِي الحَدِيث السَّادِس وَالْعِشْرين من هَذَا الْبَاب، وَأَن الإِمام أَبَا حنيفَة رَوَى التَّثْلِيث فِي مسح الرَّأْس وَرَوَاهُ غَيره أَيْضا.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: خَالفه جمَاعَة من الْحفاظ الثِّقَات فَقَالُوا فِيهِ: «وَمسح رَأسه مرّة». وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: أَكثر الروَاة رَوَوْهُ عَن عَلّي دون ذكر التّكْرَار. قَالَ: وَأحسن مَا رُوِيَ عَن عَلّي فِيهِ مَا رَوَاهُ عَنهُ ابْنه الْحسن بن عَلّي... فَذكره بِإِسْنَادِهِ عَنهُ، وَذكر مسح الرَّأْس ثَلَاثًا وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْت النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ. وَإِسْنَاده حسن، وَمِنْهَا: حَدِيث مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الْبَيْلَمَانِي، عَن أَبِيه عَن ابْن عمر- رَضي اللهُ عَنهما- قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: «من تَوَضَّأ فَغسل كفيه ثَلَاثًا واستنثر ثَلَاثًا وَغسل وَجهه وَيَديه ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَمسح رَأسه ثَلَاثًا وَغسل رجلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وأنَّ مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله قبل أَن يتكلَّم غفر لَهُ مَا بَين الوضوءين».
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه وَتقدم الْكَلَام فِي ابْن الْبَيْلَمَانِي وَأَبِيهِ.
وَمِنْهَا: حَدِيث ابْن عَبَّاس «أنَّه وصف وضوء رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمسح رَأسه ثَلَاثًا وَكَذَلِكَ سَائِر أَعْضَائِهِ».
رَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده من حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن مُحَمَّد بن طَلْحَة بن ركَانَة، عَن عبيد الله الْخَولَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس، ثمَّ قَالَ: لَا نعلمهُ يرْوَى هَكَذَا إِلَّا بِهَذَا الإِسناد. والخولاني لَا نعلم أنَّ أحدا يروي عَنهُ غير مُحَمَّد بن طَلْحَة. قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب: وَمِنْهَا حَدِيث أبي رَافع وَابْن أبي أَوْفَى «أنَّ النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ، فَمسح رَأسه ثَلَاثًا». قَالَ: وَاعْتمد الإِمام الشَّافِعِي فِي اسْتِحْبَاب التَّثْلِيث فِي الْمسْح: حَدِيث عُثْمَان الثَّابِت فِي مُسلم وَغَيره من الْأَحَادِيث الْمُتَقَدّمَة «أنَّ النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم توضَّأ ثَلَاثًا ثَلَاثًا»، وَوجه الدّلَالَة مِنْهُ أنَّ قَوْله: تَوَضَّأ يَشْمَل الْغسْل وَالْمسح. وَمنع الْبَيْهَقِيّ وَغَيره الدّلَالَة من هَذَا؛ لأنَّها رِوَايَة مُطلقَة، وَجَاءَت الرِّوَايَات الثَّابِتَة فِي الصَّحِيح مصرحة بأنَّه غسل الْأَعْضَاء ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَمسح الرَّأْس مرّة. وَاعْترض ابْن الْجَوْزِيّ فِي تَحْقِيقه عَلَى الْقَائِل بِهَذَا فَقَالَ: قَول من ذكر الْعدَد مقدم عَلَى من لم يذكرهُ قَالَ. وَعَلَى تَقْدِير التَّصْرِيح بالمرة، فَيحمل عَلَى بَيَان الْجَوَاز. ثمَّ قَالَ: فَإِن قلت: التَّثْلِيث يُصَيِّر الْمسْح غسلا، وَالْمسح مَبْنِيّ عَلَى التَّخْفِيف فَيخرج عَن مَوْضُوعه. قلت: هَذِه عبَادَة لَا يعقل مَعْنَاهَا.
وَقد رَوَى أَحْمد فِي مُسْنده عَن مَرْوَان بن مُعَاوِيَة الْفَزارِيّ، ثَنَا ربيعَة بن عتبَة الْكِنَانِي، عَن الْمنْهَال بن عَمْرو، عَن زر بن حُبَيْش قَالَ: «مسح عَلّي رَضي اللهُ عَنهُ رَأسه فِي الْوضُوء حَتَّى أَرَادَ أَن يقطر، وَقَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم هَكَذَا يتَوَضَّأ».
قَالَ أَحْمد: وثنا عَلّي بن بَحر، نَا الْوَلِيد بن مُسلم عَن عبد الله بن الْعَلَاء، عَن أبي الْأَزْهَر، عَن مُعَاوِيَة «أنَّه ذكر لَهُم وضوء النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وأنَّه مسح بغرفة من مَاء حَتَّى يقطر المَاء عَن رَأسه أَو كَاد يقطر».
قلت: وَفِي رِوَايَة للبزار «ثمَّ مسح بِرَأْسِهِ حَتَّى كَاد يقطر»
وَإسْنَاد الأوَّل صَحِيح، وَالثَّانِي فِي حسنه وَقْفَة؛ لعنعنة الْوَلِيد، وَقد عرف تدليسه وتسويته.
قَالَ النَّووي فِي كَلَامه عَلَى أبي دَاوُد فِي الأوَّل: هَذَا إِسْنَاد صَحِيح كلّ رِجَاله فِي الصَّحِيح مَشْهُور إِلَّا ربيعَة بن عتبَة الْكِنَانِي وَقد وَثَّقَهُ يَحْيَى بن معِين وَلم يجرحه غَيره. فَالْحَدِيث صَحِيح.
كَذَا قَالَ النَّووي، وادَّعى ابْن الْقطَّان أَن البُخَارِيّ أخرج لِرَبِيعَة هَذَا، وَهُوَ غلط مِنْهُ؛ بل لم يخرج لَهُ أحد من الْكتب السِّتَّة غير أبي دَاوُد. قَالَ: وَلَا أعلم لَهُ عِلّة إِلَّا الْمنْهَال؛ فَإِن ابْن حزم قد قَالَ فِيهِ: لَا يقبل فِي باقة بقل. قَالَ: وَالرجل قد وَثَّقَهُ جماعات: ابْن معِين وَغَيره. فَافْهَم مَا قَرَّرْنَاهُ لَك أيَّها النَّاظر فِي هَذَا الْموضع؛ فَإِنَّهُ مُهِمّ يرحل إِلَيْهِ، جعل الله ذَلِكَ خَالِصا لوجهه بِمُحَمد وَآله.